الديوان : قصائد وشعر محمود درويش . الشاعر/الكاتب : محمود درويش

وشاح المغرب الوردي فوق ضفائر الحلوه 
و حبة برتقال كانت الشمس. 
تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوة 
و تصرخ بي، و كل صراخها همس: 
أخي !يا سلمي العالي! 
أريد الشمس بالقوة! 
..و في الليل رماديّ، رأينا الكوكب الفضي 
ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت. 
وقالت، و هي حين تقول، تدفعني إلى الصمت: 
تعال غدا لنزرعه.. مكان الشوك في الأرض! 
أبي من أجلها صلّى و صام.. 
و جاب أرض الهند و الإغريق 
إلها راكعا لغبار رجليها 
وجاع لأجلها في البيد.. أجيالا يشدّ النوق 
و أقسم تحت عينيها 
يمين قناعة الخالق بالمخلوق! 
تنام، فتحلم اليقظة في عيني مع السّهر 
فدائيّ الربيع أنا، و عبد نعاس عينيها 
وصوفي الحصى، و الرمل، و الحجر 
سأعبدهم، لتلعب كالملاك، و ظل رجليها 
على الدنيا، صلاة الأرض للمطر 
حرير شوك أيّامي ،على دربي إلى غدها 
حرير شوك أيّامي! 
و أشهى من عصير المجد ما ألقى.. لأسعدها 
و أنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي 
و أشرب، كالعصافير، الرضا و الحبّ من يدها 
سأهديها غزالا ناعما كجناح أغنية 
له أنف ككرملنا.. 
و أقدام كأنفاس الرياح، كخطو حريّة 
و عنق طالع كطلوع سنبلنا 
من الوادي ..إلى القمم السماويّة! 
سلاما يا وشاح الشمس، يا منديل جنتنا 
و يا قسم المحبة في أغانينا! 
سلاما يا ربيعا راحلا في الجفن! يا عسلا بغصّتنا 
و يا سهر التفاؤل في أمانينا 
لخضرة أعين الأطفال.. ننسج ضوء رايتنا!