الديوان : قصائد وشعر محمود درويش . الشاعر/الكاتب : محمود درويش

مدينتنا.. حوصرت في الظهيرة 
مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار. 
لقد كذب اللون، 
لا شأن لي يا أسيره 
بشمس تلمّع أوسمة الفاتحين 
و أحذية الراقصين . 
و لا شأن لي يا شوارع إلا 
بأرقام موتاك . 
فاحترقي كالظهيرة .. 
كأنك طالعة من كتاب المراثي . 
ثقوب من الضوء في وجهك الساحليّ 
تعيد جبيني إليّ 
و تملأني بالحماس القديم إلى أبويّ. 
..و ما كنت أؤمن إلاّ 
بما يجعل القلب مقهى و سوق. 
و لكنني خارج من مسامير هذا الصليب 
لأبحث عن مصدر آخر للبروق 
وشكل جديد لوجه الحبيب. 
رأيت الشوارع تقتل أسماءها 
و ترتيبها. 
و أنت تظلين في الشرفة النازلة 
إلى القاع. 
عينين من دون وجه 
و لكن صوتك يخترق اللوحة الذابلة. 
مدينتنا حوصرت في الظهيرة 
مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار.