و بعد ذلك جاء إليه فندقي شيخ و قال له: هات حدثنا عن المأكل و المشرب
فأجاب قائلا: أود لو أنك تقدر أن تعيش على عبير الأرض تكتفي بالنور كنباتات الهواء
غير أنك مضطر أن تقتل لتعيش و أن تسرق المولود الصغير من حضن أمه مختطفا حليبها لتبريد ظمأك
لذلك فليكن عملك مظهرا من مظاهر العبادة
ولتكن مائدتك مذبحا تقرب عليه التقادم التقية الطاهرة من الحقول و السهول ضحية لما هو أكثر منها نقاوة في أعماق الإنسان
و إذا ذبحت حيوانا فقل له في قلبك:
إن القوة التي أمرت بذبحك ستذبحني نظيرك
و عندما تحين ساعتي سأحترق مثلك
لأن الشريعة التي أسلمتك إلى يدي ستسلمني إلى يدي من هو أقوى مني
وليس دمك ودمي سوى عصارة قد أعدت منذ الأزل غذاء لشجرة السماء
وإذا نهشت تفاحة بأسنانك فقل لها في قلبك:
إن بذورك ستعيش في جسدي, والبراعم التي ستخرج منها في الغد ستزهر في قلبي
و سيتصاعد عبيرك مع أنفاسي , وسأفرح معك في جميع الفصول
و إذا قطفت العنب من كرومك في أيام الخريف و حملته إلى المعصرة فقل له في قلبك:
أنا كرمة مثلك و ستجمع أنماري و تحمل إلى المعصرة و سيضعونني كالخمر الجديدة في زقاق جديدة
و عندما تستقي الخمرة في زقاقها أيام الشتاء أنشد في قلبك أنشودة لكل كأس تشربها
و ليكن لك من أناشيدك أجمل التذكارات لأيام الخريف و للكرمة و المعصرة