ثم قال له مشرع : وماذا تعتقد بشرائعنا أيها المعلم
فأجاب قائلاً :
إنكم تستلذون أن تضعوا شرائع لأنفسكم , بيد أنكم تستلذون أكثر أن تكسروها و تتعدوا فرائضها
لذلك أتم كالأولاد الذين يلعبون على الشاطئ يبنون أبراج عظيمة من الرمل بصبر وثبات , ثم لا يلبثون أن يهدوموها ضاحكين صاخبين
فعندما تبنون ابراجكم الرملية يأتي البحر برمال جديدة إلى الشاطئ و عندما تهدمون أبراجكم يضحك البحر منكم في نفسه لأن البحر يضحك من الأبرياء ابداً
ولكن أقول لكم في من ليست الحياة بحراً في عقيدتهم بل ليست الشرائع التي تسنها حكمة الانسان البالغة أبراجا من الرمال فحسب
أولئك الذين يحسبون أن الحياة صخرة صلدة و أن الشريعة إزميل حاد يأخذونه بأيديهم لكي ينحتوا هذه الصخرة على صورتهم و مثالهم وفي الثور الذي يحب نيره و يتهم الوعل و الإبل و الظبي أنها حيوانات متمردة ناشزة ؟
وفي الأفعى العتيقة الأيام التي لا تستطيع أن تخلع جلدها و لذلك تنبري متهمة جميع الحيوانات بالعري وقلة الحياء ؟
وفي ذلك الذي يسبق غيره إلى وليمة العرس و عندما يملأ جوفه من الأطعمة و يبلغ حده من النهم و اشراهة يترك الوليمى و يذهب في طريقه قائلاً إن جميع الولائم مخالفة للناموس و جميع الذين يجتمعون إليها متعدّو الشريعة ؟
ماذا أقول في امثال هؤلاء؟ انهم كجميع الناس يقفون في أشعة الشمس و لكنهم يولون الشمس ظهورهم
فهم لذك لا ينظرون سوى ظلالهم و ظلالهم هي عند التحقيق شرائعهم المقدسة
و هل اعترافاتهم بالشريعة سوى انهم ينحون و يطأطئون رؤوسهم لكي يستقصوا ظلالهم على الأرض ؟
أما أنتم الذين يمشون وهم يحدقون إلى الشمس بأجفان غير مرتعشة فهل في الأرض من صورة تستطيع أن تستوقفكم هنيهة ؟
و أنتم المسافرون مع الريح أية صفحة من الصفحات الدالة على مجاري الرياح تقدر أن تقودكم في مسالككم ؟
وما هي الشريعة البشرية التي تفيدكم إذا كنتم لم تحطموا نيركم على باب سجن من سجون الانسان؟
و أية شرائع ترهبون إذا كنتم ترقصون ولكنكم لا تعثرون بقيد من قيوم العالم الحديدية ؟
ومن هو الرجل الذي يستطيع أن يأتي بكم إلى المحاكمة إذا مزقتم أثوابكم و لكنكم لم تضعوها في طريق أحد الناس ؟
أجل يا أبناء اورفليس إنكم تستطيعون أن تخمدوا صوت الطبل و تحلوا أوتار القيثارة ولكن مَن مِن أبناء الانسان يستطيع أن يمنع قبرة السماء عن الغناء ؟