الديوان : قصائد وشعر غادة السمان . الشاعر/الكاتب : غادة السمان

امام ذلك الصديق الصامت 
تشاجرنا 
قلت لي انني ابريق عتيق 
و قلت لك انك جورب مثقوب ..رث كالزمن 
و هو صامت ..
اكدت له انني كاذبة كقديسة 
اكدت له انك بروليتاري مزور 
كالانابيب الباهظة التلوين 
في جدران " البوبور "
و هو صامت 
**
و ضربتك بطابات التنس الصفر 
فأهلت على رأسي كتبي ..و اورارقي ...
و حين طعنتني ببطاقة سفرك 
لوحت لك بعلم النسيان و اللامبالاه ..
و هو صامت ..
**
و تناثر ريشي و ريشك في فضاء الغرفة 
و انت تقسم بالليمون انك ستتفرغ لكراهيتي 
و انا اقسم بالكحل على الكيد لك بالتعاويذ 
و هو صامت ..
لعنت لك ....و شتمت ....و الافعى معا 
ثم لا اذكر كيف ...تعانقنا فجأة 
و تصالحنا و هو صامت 
و رقصنا حتى مطلع الفجر 
و غنينا احلى اناشيدنا في تمجيد التفاحة 
و لم نكلم بعدها ذلك الصديق ابدا ...
**
جبنا غريب الاطوار 
ممتلىء السرة بالرمل 
كالطفل الناجي من قارة ابتلعها البحر للتو 
مدهش 
كضحكة عجوز قادمة من اعماق القلب ..
ناشز 
كقبعة رياش ملونة على رأس راهبة ...
قد اهمسك بفتور 
او اكتبك بالجنون و الشوق خاتمة العشاق 
او اناديك مقتولة بكراهيتي لك 
و بحبي في آن 
ثمة شيء من الهذيان بيننا 
اغلق حبي على نسيانك
فتلود النوافذ المشرعة من الجدران 
و تظل تركض ظلالك في عروقي 
ركض النار في الغابات 
و اكره و احب انسيابك المتوحش 
في انهار شرايني و رمالي المتحركة ..
كأنك كائنات السر و الطحالب السأم معا 
و لا شفاء منك الا بتلك الممحاه السحرية 
الملقبة بالنسيان 
و لكنها لا تباع الا في دكان الموت ..
فمن يشتري لي ؟
أم ان النسيان هو الهدية المستحيلة ؟...
**
حبك ضيف لا يطاق ..
يأتي حين لا اكون مستعدة لاستقباله ...
يدخل من النافذة و يحتل فراشي 
يرفع قدميه الموحلتين فوق وسادتي الحريرية ...
ينفث دخان غليونه داخل رئتي 
يرد على هاتفي و يطرد اصدقائي ..
يتناول دفتر مفكرتي 
ليشطب ما يشاء من مواعيدي ...
**
يملي علي تسريحة شعري 
ولون ثيابي و اقراطي 
و نبرة ضحكتي و ايقاع مشيتي 
و صابون حمامي و نبضي ...
يأمرني بشراء شمعة سوداء 
ووردة حمراء 
و يرمي باوراقي 
كي ينضد احذيته في مكانها 
و يفهمني منذ البداية 
انه لن يقيم معي ابدا 
لكنه يرفض اطلاعي على مواعيد طائراته 
و جدول اعماله و بوصلاته السرية ...
اثور عليه و لكنه يرسم لي 
جداول مواعيد نومي و صحوي ..
و يكتب لي احلامي التي ساراها و كوابيسي 
استسلم منهكة 
و اصير دمية بين يديه 
و انهض ليلا و انا اهذي باسمه 
فاجد النوافذ مشرعة