الديوان : قصائد وشعر نزار قباني . الشاعر/الكاتب : نزار قباني

سمراءُ.. صُبِّي نهدَاك الأسمرَ في دنيا فمي
نهداكِ نـَبْعا لذة حمراء تُشعلُ لي دمي
متمرّدان على السماءِ.. على القميص المُنعَم
صنمان ِ عاجيّان.. قد ماجا ببحر ٍ مُضرم
صنمان.. إني أعبد الأصنام رغم تأثمي

*

فـُكّي الغلالة َ.. واحسري عن نهدك المتضرّم
لا تكتبي النارَ الحبيسة وارتعاشَ الأعظـُم
نارُ الهوى في حَلمتيْكِ أكولة ٌ كجهنّم
خمريّتان.. احمرّتا بلظى الدم المتهجم..
محروقتان ِ بشهوةٍ تبكي وصبر ٍ ملجم

*

نهداكِ وحشيَّان.. والمصباحُ مشدوهُ الفم
والضوء منعكسٌ على مجرى الحليب المُعتم
وأنا أمدُّ يدي وأسرق من حقول الأنجم
والحَلمة الحمقاءُ ترصدني بظفر ٍ مجرم
وتغطُّ إصبعها وتغمسها بحبرٍ من دمي

*

ياصَلْبة النهدين.. يأبى الوهمُ أن تتوهّمي
نهداكِ.. أجمل لوحتـَين على جدار المرسم
كرُتان من ثلج الشمال.. من الصباح الأكرم
فتقدّمي، ياقطتي الصغرى، إليّ تقدمي..
وتحرّري مما عليك وحطـِّمي.. وتحطـَّمي..

*

مغرورة النهدين.. خلـّي كبرياءكِ وانعمي
بأصابعي.. بزوابعي.. برعونتي.. بتهجّمي
فغداً شبابُك ينطفي مثل الشعاع المضرم
وغداً سيذوي النهد والشفتان منك.. فأقدمي
وتفكرّي بمصير نهدكِ بعد موت الموسم

*

لا تفزعي.. فاللثمُ للشعراء غيرُ محرَّم ِ
فكّي أسيريْ صدرك الطفـْليَتن.. لا.. لا تظلمي
نهدك ما خلقا للثم الثوب.. لكن.. للفم
مجنونة مَن تحجب النهدين أو هي تحتمي
مجنونة من مرَّ عهد شبابها لم تلثم..

*

.. وجذبت منها الجسم لم تنفـُرْ.. ولم تتكلـّم
مخمورة ً مالتْ عليَّ بقدّها المتهدِّم
ومضت تعللني بهذا الطافر المكتوّم
وتقول في سكر ٍ، معربدة ً، بأرشق مبسم
“يا شاعري.. لم ألق في العشرين من لم يُفطم.”