(71)
يوم تعثرينَ على رَجُل..
يقدر أن يحوّل كلَّ ذرَة من ذرّاتكِ
إلى شِعْرْ..
ويجعل كلَ شَعْرة من شَعَراتكِ .. قصيدة
يوم تعثرين على رَجُل..
يقدر _ كما فعلتُ أنا _
أن يجعلك تغتسلينَ بالشِعرْ..
وتتكحّلين بالشِعرْ..
وتتمشّطين بالشِعرْ..
فسوفَ أتوسّلُ إليكِ..
أن تتبعيه بلا تردّد..
فليس المهمّ أن تكوني لي..
وليس المهمّ .. أن تكوني له
المهمّ..
أن تكوني للشعرْ..
هوايةً خطيرة..
وهي أن أتحدّثَ عنكِ إلى النساءْ..
لذةٌ كبيرةٌ .. أن أزرعَكِ في عيون النساءْ
في فضولهنّ..
في دهشتهنّ.
لذةٌ ما بعدها لذّة..
أن أُضرمَ النارَ في ثياب الجميلاتْ
وأتفرّج بفرح شيطاني..
على الحرائق المشتعلة فيهنّ..
عيونُ النساءْ..
هي المرايا المدهشة..
التي تطمئنني أن قصّة حبّنا غير مألوفة..
وأنكِ امرأة لا تكرّر..
سامحيني إذا فعلتُ هذا..
فأنا لا أطيقُ تعذيبَ الآخرينْ..
غير أنّي أردتُ رسْمَ صورتك
في أحداق النساء..
لأرى.. كيف تزدادُ اتساعا..
(73)
لا تشتكي من تطرّفي..
هي تلك الأيّام التي نسيتِ فيها تمدّنك
وانزرعتِ بلحمي .. كحربةٍ مسمومة..
أروعُ أيّامك..
_إذا كان لكِ أيَّامٌ قبلي_
هي الأيّام التي اختلط فيها رمادُك برمادي..
كما يختلطُ رمادُ لُفَافَتينْ..
في منفضةٍ واحدة..
(74)
لا أنا أستطيع أن أفعلَ شيئاً
ولا أنتِ تستطيعن أن تفعلي شيئاً
ماذا يستطيع أن يفعل الجرح
بعد دقائق . تضربُ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ..
وينتهي عامٌ .. ويولدُ عامْ..
لا تهمّني السنوات التي تولد..
ولا السنواتُ التي تموت..
فأنتِ الزمنُ الوحيد..
لن أُقَبِّلك عندما تُطفأ الأنوارْ..
كما يفعل كلُّ الأغبياء..
ولن أرقصَ معكِ بشراسة
كما يفعل كلُّ المجانين..
ولن اخترعَ كلاماً سخيفاً
يحمل إليكِ أطيبَ تمنياتي بعامٍ جديدْ.
فالتمثيلُ ليس مهنتي..
إنّي أحبّكِ..
بعيداً عن كؤوس الويسكي..
وقُبَّعات الورقْ..
بعيداً عن موسيقى الجاز..
وانفجار البالونات الملوّنة..
أحبّك..
وأنا أنزفُ على الطاولة وحدي..
كما ينزف مصارع الثيرانْ..
أحبّكِ..
قبل أن تضربَ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ..
وبعد أن تضربَ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ..
وإنما حبيبة كلِّ الساعاتْ..
وكلِّ الأزمنة..
بعد دقائقْ..
سيرحل عامٌ كنتِ سيّدتَه ومليكتَهْ
فيا سيّدتي ومليكتي
لا أريد من الله ذهباً ولا قصوراً..
لا أريد منه ديباجاً ولا حريرا..
أريدُ منه فقط..
أن يُبقيكِ حبيبتي..
(76)
يوم تعرّفتُ عليكِ .. منذ عامينْ
كنتِ قطّةً تركية مدلّلهْ..
تتشمَّس..
وتتثاءب..
وتلحس فروتها..
كنتِ تموئين.. وتشربينَ الحليبَ المعقَّمْ..
وتلعبين بخيوط الصوفْ..
ومن بَصَمات أصابعي..
عندما تعرّفتُ عليكِ..
لم تكن لديكِ همومٌ عاطفية
كبقيَّة القِطَطْ..
ولم تكن لديكِ شهيّةُ المغامرة..
والتناسل ، في الأزقة الضيّقة
كملايين القِطَطِ الأخرى..
*
بعد عامينْ..
من المناقشات العصبيَّة
والغضَب ، والتشنّجاتْ..
تحوّلتِ من قطة سمينة ومترهّلة..
تتعاطى الحبوبَ المنوِّمة..
والماريجوانا..
إلى قطةٍ ترفض تاريخَها..
فكسرتِ زجاجةَ الحليب المعقَّمْ
ورميتِ كرةَ الصوف على الأرض..
ووثبتِ إلى حضني..
*
بعد عامين معي..
أصبحتِ قطةً غيرَ عاديَّهْ
أصبحتِ قطّتي..
(77)
كنتُ ساذجاً..
حين تصوّرتُ أنّني أستطيع أن أغتالكِ بالسفرْ..
وأقتلكِ..
تحت عَجلات القطارات التي تحملني..
صوتُكِ..
يتبعني على كلِّ الطائراتْ..
يخرج كالعصفور من قبّعات المضيفاتْ..
ينتظرني..
في مقاهي سان جرمان.. وسوهو..
كنتُ ساذجاً..
حين ظننتُ أنّي تركتكِ ورائي.
كلُّ حقيبة أفتحها..
أجدكِ فيها..
كلُّ قميصٍ ألبسه ، يحمل رائحتكِ...
كلُّ جريدةٍ صباحية أقرؤها..
تنشر صورتك..
كلُّ مسرحٍ أدخله..
أراكِ في المقعد المجاور لمقعدي..
كلّ زجاجة عطرٍ أشتريها..
هي لكِ..
فمتى .. متى أتخلّص منكِ
أيتها المسافرةُ في سفري..
والراحلةُ في رحيلي..
(78)
أعرف..
ونحن على رصيف المحطّة.
أنَّكِ تنتظرين رجلاً آخر..
وأعرفُ، وأنا أحمل حقائبك
أنكِ ستسافرين مع رجل آخر..
وأعرف .. أنني لم أكنْ..
سوى مروحةٍ صينية خفَّفتْ عنكِ حرارة الصيفْ
ورميتِها بعد الصيفْ..
أعرف أيضاً..
أن رسائل الحبّ التي كتبتُها لكِ..
لم تكن سوى مرايا..
ومع هذا ..
سأحملُ حقائبك..
وحقائبَ حبيبك..
لأنّني .. أستحي أن أصفع امرأةً
تحمل في حقيبة يدها البيضاءْ..
أحلى أيّام حياتي..
(79)
كلَّما مرَّ صوتُكِ البنفسجيّ
من أسلاك الهاتف..
وصَبَّحَ عليّْ..
أتحوّلُ إلى غابة..
(80)
لنْ يكونَ ذهابُكِ مأساوياً
كما تتصوّرينْ..
فأنا كأشجار الصفصافْ
أموتُ دائماً..
وأنا واقفٌ على قدميّْ..
لأنّني .. أستحي أن أصفع امرأةً
تحمل في حقيبة يدها البيضاءْ..
أحلى أيّام حياتي..
(79)
كلَّما مرَّ صوتُكِ البنفسجيّ
من أسلاك الهاتف..
وصَبَّحَ عليّْ..
أتحوّلُ إلى غابة..
(80)
لنْ يكونَ ذهابُكِ مأساوياً
كما تتصوّرينْ..
فأنا كأشجار الصفصافْ
أموتُ دائماً..
وأنا واقفٌ على قدميّْ..