الكاتب : ليال ج دحدل أضيف بتاريخ : 24-12-2015
وأعيش في مجتمع لا يرى في مستقبل المرأة إلا زوجاً و أطفالاً ومنزلاً ومكواة وسرير..
يريد لها التعلًم وشهادة جامعية نعم أنا أشهد.. لكن ما السبب يا ترى..
دعني أخبرك.. شهادةً ولقباً يرفع من سعر صرفها في سوق الزواج..
زوجة موظفة تساهم في دخل الأسرة.. زوجة متعلّمة تعمل بعد الظهر معلّما لأطفالها توفر لزوج المستقبل أموالاً تهدر عى أساتذة خصوصية..
زوجة جلّ همها سعادة أطفالها وراحة زوجها ورضا والديه..
زوجة لم تتجاوز الخامسة والعشرين.. جميلة أنيقة رشيقة مطيعة بكماء تتلقى كل ما يقدم لها بابتسامة عريضة بلهاء..
أعيش في مجتمع ينظر لمن تفضل الجلوس في المنزل وفنجان الشاي في يدها وكتاب لذيذ في الأخرى على الذهاب إلى حفلات رقص على أنغام موسيقا " أعوذ بالله ممن أسماها موسيقا فلا لحن ولا كلمات ولا منطق واحتقار ما بعده احتقار للمرأة "
مجتمع ينظر لها على أنها غبية لا تفهم ولا تدرك معنى الحياة..
" على المرأة أن تجد لنفسها زوجاً يحقق لها أحلامها "
مرة قرأت عبارة أرددها على مسامع مجتمعي دائماً "علموا بناتكن أن يحققن أحلامهن بنفسهن فالزوج ليس مصباح علاء الدين "
أن تكون في مجتمع كهذا يعني أن تكون استثناء لا قاعدة..
أن تعمل على تطوير نفسك والبحث في دواخل روحك.. أن تفهم الكون حولك.. أن تفكّ ألغاز الوجود لغزاً بعد آخر.. أن تتمنى التعرف على بلدان العالم.. على ثقافات الشعوب.. على أحلامهم ماضيهم عاداتهم أساطيرهم..
أن تجمع في ذاكرتك خفايا العالم.. أن تبتسم في مكتبة لكتب مستعملة تستنشق عبير أوراقها..
أن تقع في غرام لوحة أبدعتها أنامل فنان.. أن تنتشي على أنغام موسيقا لا بشرية تعزف بآلات أسطورية..
نعم فهذا يعني أنك استثناء وحالة شاذّة في مجتمع كهذا.. يرمقك أفراده بنظرات الشفقة.. وهنا يكمن لبّ النكتة!!
هم يشفقون عليك وفي عيونهم نظرات " يالها من مسكينة بلهاء "
جميل أن يكون لك أسرة تنتمي لها وتحبها.. ومنتهى الروعة أن تحمل بين يديك طفلك تداعبه وتسكب فيه معارفك..
لكل شيء على وجه البسيطة وقت وأوان.. زمن للمعرفة واكتشاف الذات وزمن لتسكب تلك المعرفة في إناء أطفالك.. فكيف تنجب طفلاً وأنت لا تعرف من تكون!! بماذا ستشبع نهمه للمعرفة!! بأجوبة مختلقة تنسجها لتهرب من أسئلته.. أم بردٍّ بارد " لا أعرف "
..
بقلمي.. ليال ج. دحدل