الكاتب : حسناء واعوب أضيف بتاريخ : 16-08-2016
1
نجري وراء مصالحنا، نُنصِّر حثالاتنا، نهين أخيارنا، نُنصب أشرارنا أولياء لأمورنا، نستبيح دم بعضنا، ننهق بما لا نعلم، ونبصر أكثر مما نستبصر، أصبحت دماؤنا كمياء الغسيل على شوارعنا، مياه غُسِّلت به أدمغتنا، دموقراطية؟ لا نعرفها ولا تعرفنا ... إسالونا عن هيفاء ...عن "الكب كيك" ...عن الرجال قوامون على النساء... إسالونا عن فُتات العلم....عن فُتات الدين، عن فُتات الفكر... إسالونا كثيرا عن العبودية ... عبودية المنطق ...عن عبودية الضمير... ولا تسالونا أبدا عن أخطائنا فنحن صغار جدا على أن نُحاسب... لَم يَحِق علينا الصبام بعد.
فلهذا أمريكا ولية أمرنا الى أن يشتد عُودُنا، إلى أن يقوى علينا عدونا، ويلتهم ما بقي من الخريطة ... وجبة مطبوخة كما يحبونها بصلصة البترول والتمر الفاخر ... تحت زيتونة سينامون وسنحرصهم بأمانة كعبيد الحقل.
متى نتحد؟ متى ننتهي من قيد ضلالنا؟ متى يكون فينا عُمر، سليمان الفارسي، عمر المختار، خالد إبن الوليد، طارق ٱبن زياد؟ متى نُركز فيما يوحدنا أكثر مما يُفرقنا؟ متى سنكتفي بالفُتات ونكف عن التفكير بالفُتات، والإكثرات للفُتات، وتصديق الفُتات
فلنقف قليلا ... تَعبنا من الجلوس على كرسي الحديد الذي وضعنا فيه ولي الامر وحَذرنا مُسبقا غضبه إن عصينا... ثوارتنا ذالك التحذير عبر الاجيال كالمؤذبين ... لم يبرح أحد مكانه منذ عشرات السنين. وموعدنا مع عنز جرباء على وشك الوصول
2
أمسك بذلك الجذع المبلل، و اخفض رأسك قليلا، لا خوفا بل مقاومة ... لاتأبه بما يقولون، استمع فقط لما تضخ به من عِز أوداجك ... خذ بتلابيب سُلْطانك و تمسك جيدا ثم قاوم ...
قاوم لانك الاحسن
لانك طائر حر
لانك تشدو بُكْرَة والكل نيام
لانك لاتتذمر كما هم يفعلون
لانك تقول الحقائق كلها مرغما
لانك لاتخفي أكاذيب عظام تحت عباأت ليست مقاسك ...
لانك لست مكثرتا لمقل ترقبك خلف تلك الستائر المنكمشة من الٱثام
لانك أنت سوف تقاوم ...
و لأني انا ... سوف اظل اراقب شجاعتك من بعيد .... وسأظل أكتب ها هنا ... لن أبرح هاته الطاولة حتى يشيخ هذا القلم وتنكمش أصابعي حوله ... ويخف الزحام ...
إلى أن نندثر كلانا في هذا الكون الفسيح وتهيم الأرواح في ملكوت لا نعلم عنه شيئا …فألقاك بفضاء ما، بِبُعدٍ ما، تحت سماء ما .... لتخبرني كل ما فاتني بين هذين الزمنين الصَدِئَين ثم تنصرف ... صبرا يا جَلاَدَة....
3
أحيانا، عندما تصعد لفوق، يصغر كل شيء، و بهذه المدينة بالذات التي علا وغالا طول بنيانها رشيقة رجلاها بالارض ورأسها عنان السماء، كامرأة توازي التواضع ولا تلتقي به إلا عند الاعوجاج!
عندما تصعد فوق وتشاهد ثقل المدينة ترى بمنظور مصغر جدا زحام الحياة التي تجرنا بالأرض ونحن مبتسمون، بقدر ما قست على الناس زادت رحابة صدورهم، وبقدر ما وهبت لاخرين إزدادو طمعا و فظاظة.
بهذه المدينة الكل يسبح في تياره والكل يحسب نفسه مركز الارض والكل يدور حول الكل في فلك لا محتجب
وبخضم الدوائر يزداد عِبئ المدينة و تغمق دوائرُُ أخرى تحت العيون السادة والملونة ... يحد الضجيج ويأخذ الكرى مقاعد الجفون ... حتى الصمت له طقوس تماتل أصوات تشقق صفائح الجليد في مكان ما من القطب الشمالي ... لا أعرف أين أهز الارض بخُطاي ... ولا أعرف أي زلزال أخلُق بِأي أرض ولا من يموت بوقع تلك الأقدام...
حسناء واعوب