الكاتب : عوني شبيطة أضيف بتاريخ : 21-08-2016

    

 

(1)
كلما ارى بُرتقالةً على رفِ فاكِهةٍ في
سوقِ المَدينةِ
أحنُ الى يافا
الى وجهِ يافا
الى بحرِ يافا
الى اهلِ يافا
يافا يافا يافا
وصمتٌ مُهيبٌ يَحملُني على غيمةٍ زرقاءَ
الى شئٍ ما
لم أُعايِشْهُ ولكنَّ كِبارَ السِن قالوا:
أنَ يافا
وأن في يافا
ولما كُنا في يافا وغنت ام كلثوم في يافا
سَقى اللهُ ايامَ يافا
فَأَرى بِأُم عَيني الشمسَ تستَدرُ
الصُبحَ
من بَيارةٍ على صَدر يافا
وأرى صَبايا الحيِ تَحمُل في سِلالٍ
مُلونةٍ نَبيذاً
وحفنةَ بُرتقالٍ الى قَمرٍ عَليلٍ 
( قد يكونُ مُتعالِلاً) 
تَجبلُ لهُ الحِنا
ثم تُودعُهُ:
إذهبْ الى حيثُ شِئتَ
فانت الآنَ طليقٌ مُعافى
وبأي سَماءٍ تَحلُ 
تَظلُ تَطلُ عَلى يَافا
يافا يافا
(2)
في زَهرةِ الجُلنار تَسري شَراييني
يا صاحبَ الرُمان
من صَدرِها الملآن
باللهِ تَسقيني
(3)
هوُ الزَيتون
دِيوانُ شِعرِنا والمُؤرخُ لما خَلقت
يَدانا مِنذُ بِدء الكَون
وهوُ قنديلُ السَبيل
ومشاعلُ الثوارِ
في َبلعينَ، في الخَليل 
في جبالِ النارِ
وفي ارضِ الجَليل
هوَ لقمةُ الأطفال 
والرزقُ الحَلال 
منه اخضرارُ القلبِ رغمَ الجرح والكبوات
هو السِرُ الفلسطني
نحمِلهُ من منفىً الى منفىً
ومن جيلٍ الى جِيل
هو الزيتونُ كم نادى وما زال ينادينا:
يا ايها الفلسطيني 
يا ايها المنفي 
فَجِّر طوفانَك عاتياً عبرَالمَعابرِ
والمَحاورِ والجِهات
واغرِق كلَ ما يجثو على صَدر البسيطةِ
من طُغاةٍ وجُناةٍ وغُزاة،
واسوارَ السُجون
وابنِ سفينَكَ من ضُلوعي ومن ضُلوعِكَ
وإن رَموكَ بالجنونِ وبالجنونْ
عاشَ الجُنونْ
هو الزَيتون بِشارَتُنا الى برِ الأمان
والحُلمِ الجَميل
(4)
يا حَبةَ التُفاح
يا بَهجةَ الإصباح
من اينَ هذا النور!
( قَمرٌ على خَدي
حطَ لِكي يَرتاح)
يا روعةَ البستان
يا شافيَ العيان
وراءَ النهرِ في "هامبورغ"،
في الكَرمِل العالي
او في رُبى الجولان
او حيثُ القمر قد لاح
في وَهجِ خدكِ والشَذى
شئٌ من دمِ الفلاح
(5)
الشَمسُ في وَضحِ النَهارِ تَكسَرت
مِرآتُها
ورأيتُ مِشمشَها وهجاً على غُصنٍ 
-يميدُ في كَبد السَماء 
في كلِ مِشمشَةٍ يا قلب امنيةٌ
نودِعُها صلاةَ الفَجرِ
في الفَجرِ يستفيقُ الوَردُ
كي يَسبأَ للفراش صُبوحَهُ
والنحلُ يأتيهِ من كلِ صَوبٍ
ليغُبَ من فيضٍ الحَلاوةِ في الشِفاه 
والوردُ يَهبُ الحُبَ
واللهُ ينظرُ في شؤونِ الخَلقِ 
وما حَملت صَلاةُ الفَجرِ 
- من شَجنٍ ومن قَمحٍ في هَديل الامنيات
في كلِ مِشمشةٍ يا قلب اغنيةٌ
لتاخُذها العَنادلُ 
وهيَ ادرى بحديثِ الاغنيات
والاغاني تفتحُ الجرحَ القديمَ 
والاغاني تُطوحُنا الى افقٍ بعيدٍ
وتثيرُ في النفسِ شيئاً ما،
شَجياً او سَرياً او بينَ بَين
-شيئاَ تعرفهُ العَنادل
في كلِ مِشمشةٍ يا قلب امراةٌ
تنتظرني في طريقٍ جانبيٍ كي أُغازِلَها
النساءُ يعشقنَ الغزلَ المُنَمق
قد يَسألنَ على غَنجٍ: احقاً تعني ما تَقول
ولا ينتظرنَّ منكَ ردا، بل ان تقولَ وأن
تقول
فلنختَصِر طولَ الحديثِ بقبلتين
ونمشي الهوينا يداً بيدٍ 
عاشقين على دربِ التباناتِ مع النُجوم
(6)
قلت للوز: يا مَجنون
كيف تُزهرُ في كانون 
قالَ: مادامَ القلبُ اخضرَ غَضْ
يَضحكُ يلعبُ ، يعشقُ هذي الارضْ
لا اكترثُ لبردٍ او شرد
او عُمرٍ او لونٍ او طَيفْ
الافراحُ ليست حِكراً لليالي الصيفْ
قلتُ:
يُعجبني اللوز
خفيفُ الظلِ
شقاوةُ الاطفالِ في سَجيتِهِ
ولا يسيرُ مع التِيار
يهزُ عاصفةً 
كي يراقصَها على ضوءِ الشُموع
في عِز الشتاء
يَستفِزُ نظامَ الكَون، يُضعضِعهُ
ويعجلُ بالربيعِ
وبالاريجِ وبالسناء
اللوزُ انيسُ النُجوم 
وسُمار الليل
لهُ في كلِ عرسٍ قرص 
هو طفلُ الله المُدلَل
ينشد مزاميرَهُ في الفَجر النَدي طرِبا
على الكون
شِعارُه الابدي: لا حياةَ مع الحزن
لا حياةَ مع الحزن

شارك الخبر عبر مواقع التواصل

التعليقات