الكاتب : محمود درويش أضيف بتاريخ : 03-04-2019

 

إن اعادوا لك المقاهي القديمة من يعيدُ لكَ الرفاق .. ؟؟

مات الذين تحبُّهُم

واللوزُ يُزهر كلَّ عامٍ بانتظامْ
ماتوا ولكنَّ الصخور تبيضُ لي حجلاً

وتسحب ظلَّها البُني عني
طُرق بلا طُرق هناكَ,
وههنا أفقٌ، وأغنية تمنَّتني ولكن حطمتني
وحدي أُجدِّد صرختي:

عودوا لأسمع صرختي .

عودوا إلىَّ الآن مني.

هو لا يُوَدِّع أيَّ شيء أو أحدْ
عبثاً يُحِسُّ بأنه قد مَرَّ فوق الأرض يوما.
قال: الحياةُ هديَّةُ الأفعى،

فما شأني أنا فيمَنْ سيفرحُ بالهديَّهْ؟

وَضَعَ المُسَدَّس بين رؤياهُ، وحاول أن ينامْ
إن لم أجد حلماً سأطلقُ طلقتي
وأموت في هذا الظلامْ

وقصيدتي لا تنتهي إلا لتبدأ منكِ يا لغتي العصية ..
وبلا شهيَّهْ. كتب الوصيَّهْ:
عشرون أُغنيةً لعينيها ، وللرمل البقيَّهْ.

لم أَحترقْ

لم أَحترقْ

والنار ما زالت مُسَوَّدَةً خفيَّهْ.

لم يبقَ لي غير النزول عن الصدى

والسير خارج داخلي بين الشظايا والمدى

عبثاً أُقدِّس ما يدنِّسُهُ الكلامُ. سدىِّ سدى

فلأنصرفْ مني ومنكِ إلى الغيوم الليلكيَّهْ

فَتَحَ النوافذ للكآبة: كم أرى

سُحُباً تغطيني وتمطرُ خارجي . كَمْ مِنْ قُرى

ألِفَتْ حنيني واختفت بدخانها كم من شعاعٍ أخضرا

شقَّ السماء وشَقَّني لأكون: قاعاً، أو ذُرى

وقصيدتي لا تنتهي إلاّ لتبدأ منكِ يا لُغَتي العصيَّهْ.

لم يبقَ لي غيرُ الذي لم يبقَ لي . تعب المغنّي والمحاربْ

فليستريحا، ريثما تُنهي مراكبُنا عويل البحر أو تُسْبَى المراكبْ

وليستريحا ليلةً، حتى نرى حجراً نُسَمِّرُ فوقه ضوء الكواكبْ

وليستريحا فيَّ. هل من قِمَّةٍ أُخرى

لنسرٍ لا يريد الموتَ في حقلِ الحقائبْ؟

لم يبقَ لي غير انكسارِ السيفِ في جَسَد الضَحيَّهْ.

 

ماذا تبقَّي منك, يا شعري، سوى امرأة تُغنِّي ما استطاعت أن تُغنِّي

للقادمين من الغياب ومن أصابع أدمنت شارات نصرٍ كَسَّرتني؟

مات الذين أُحبُّهُم، واللوزُ يُزهر كلَّ عامٍ بانتظامْ

ماتوا، ولكنَّ الصخور تبيضُ لي حجلاً وتسحب ظلَّها البُني عني

طُرق بلا طُرق هناكَ,

وههنا أفقٌ، وأغنية تمنَّتني ولكن حطمتني

وحدي أُجدِّد صرختي: عودوا لأسمع صرختي . عودوا إلىَّ الآن مني.

ماذا تبقَّى منك، يا شعري، سوى أسماء قتلانا، ووشمٍ في الهويّهْ؟

ماذا تبقَّى منك، يا امرأتي، سوى يأسٍ تُكَلِّلني يداهُ؟

قد خفتُ من هذا النسيج وخفت من النشيج ومن عَدُوَّ لا أراهُ

لا نهر فيَّ لتعبريه إليّ فجراً. كُلُّ ما فيَّ انتباهُ وانتباهُ.

لا بحر فيك لكي أصبَّ نهايتي . لا برَّ فيك لأهتدي من حيث شرَّدني الإلهُ

وهبطتُ من قدميكِ كي أعلو إلى قدميكِ ثانيةً، ويخطفني مَتَاهُ

لكنَّ قلبي كان يعرف أنه لا يستطيع الارتفاع إلى مداكِ.. إلى مداهُ.

ماذا تبقَّى منك، يا امرأتي، سوى عسل يُجرِّحني، وملح جرَّحتني ضَفَّتاهُ؟

ماذا تبقَّى منكِ غير قصيدةِ الحبَّ الشقيَّهْ؟

 

كتبَ الوصيَّهْ:

عشرون أغنيةً لعينيها .. وللرمل البقيَّه.

 

لا تشرحي أسباب هذا الانتحار لأصدقائي

لا تريد فحم الثياب, ولا تُغطيني بريحانٍ ورايهْ

لا تحفري فوق الهواء تحيَّةَ القلب الأخيرهْ

وإذا استطعتِ فلا تُحبِّي أيَّ شخصٍ تعرفينه.

وإذا استطعت تجنَّبي مطر الخريف وصوتَ أُمِّي,

وخُذي من النسيان زنبقةَ البياضِ العائليَّةِ.

 

فَتَحَ النوافذ للذى يأتي، فلم يسمع سوى دقَّات ساعته الأخيرهْ.

دقَّتْ، تدقُّ، تعدّ ساعات النهاية. كم نهايهْ

ستدقُّ ساعتهُ لتُنهي دورة العمر القصيرهْ؟

لم يبقِ لي غير النزولِ من البداية ...للبدايهْ

والسير داخل خارجي . لكن سدى

وسدى تطول المسرحيَّهْ.

هو لا يُوَدِّع أيَّ شيء أو أحدْ

عبثاً يُحِسُّ بأنه قد مَرَّ فوق الأرض يوما.

لا شيء يغريه بأن يبقي على حبل الفراغ من الفراغ إلى الفراغ مُعَلَّقاً.

قال: الحياةُ هديَّةُ الأفعى، فما شأني أنا

فيمَنْ سيفرحُ بالهديَّهْ؟

 

وَضَعَ المُسَدَّس بين رؤياهُ، وحاول أن ينامْ

إن لم أجد حلماً لأحلمهُ سأطلقُ طلقتي

وأموت مثل ذبابةٍ زرقاءَ في هذا الظلامْ

وبلا شهيَّهْ.

 

كتب الوصيَّهْ:

عشرون أُغنيةً لعينيها ، وللرمل البقيَّهْ.

كتب الوصيَّه :

لا، لا وصيَّهْ.

شارك الخبر عبر مواقع التواصل

التعليقات