الكاتب : محمود درويش أضيف بتاريخ : 18-05-2020
في المقدمة تتضح نفسية الشاعر محمود درويش وحاله؛ بحيث لو تأملنا المعاني التي يبدأ بها قصيدته نجد أَنها تعكس صورةً جميلة جداً لنفسيته وانطباعاته عن الحالة التي دعته
لقول الشعر، وهذا الوضع لا يسترسل به الشاعر عادة في كل القصيدة؛ وإنما يتضح في المقدمة، وخصوصًا في أولها
سنكون يوماً ما نريدُ | محمود درويش Mahmoud Darwish
سأَصير يوماً ما أُريدً
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي وجودي
كُلَّما اُحتَرقَ الجناحان ِ اُقتربتُ من الحقيقِة ، وانبعثتُ من الرمادِ
أَنا حوارُ الحالمين، عَزَفْتُ عن جَسَدي وعن نفسي
لأُكْمِلَ رحلتي الأولى المعنى ، فأَحْرَقَني وغاب
أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ الطريدُ
سأصير يوماً ما أُريدُ
سأصيرُ يوماً شاعراُ، والماءُ رَهْنُ بصيرتي .
لُغتي مجازٌ للمجاز ، فلا أَقولُ ولا أشيرُ إلى مكانٍ
فالمكان خطيئتي وذريعتي أَنا من هناك .
هُنا"يَ يقفزُ من خُطَايَ إلى مُخَيَّلتي ...
أَنا من كُنْتُ أو سأكونُ
يَصْنَعُني ويَصْرعُني الفضاءُ اللانهائيُّ المديدُ .
سأصير يوماً ما أُريدُ
سأَصيرُ يوماً كرمة ً فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن
وليشربْ نبيذي العابرون على ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
أَنا الرسالةُ والرسول أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
هذا هُوَ اُسمُكَ قالت ِ اُمرأةٌ وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اُسمُكَ ، فاحفظِ اُسْمَكَ جَيِّداً لا تختلف مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ، كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقَيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى ودَرِّبْهُ على النُطق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبهُ على إحدى صُخُور الكهف، يا اُسمي: سوف تكبَرُ حين أكبرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ اُلغريبُ أخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات.
يا اُسمي: أَين نحن الآن؟ قل: ما الآن، ما الغَدُ؟
ما الزمانُ وما المكانُ وما القديمُ وما الجديد
سنكون يوماً ما نريدُ
#محمود_درويش
#ادبنا
#Mahmoud_Darwish