الكاتب : محمود درويش أضيف بتاريخ : 25-03-2022

قصيدة لا كما يفعل السائح الأجنبي للشاعر محمود درويش
تعد من أجمل القصائد التي كتبت عن الحنين
يصور فيها الشاعر نفسه عندما يزور وطنه كالسائح 

مَشَيْتُ على ما تَبقَّى من القلبِ
صَوْبَ الشمال...
ثلاثُ كنائسَ مهجورةٌ،
اسنديانٌ على الجانبَيْنِ,
قُرىً كنقاطٍ على أَحْرُفٍ مُحِيَتْ،
وفتاةٌ على العشب تقرأ ما
يُشْبهُ الشِّعَرَ: لو كُنْتُ أَكبرَ,
لو كُنْتُ أَكبرَ’ لاسْتَسْلَمَ الذئبُ لي!

... لم أَكُنْ عاطفياً، ولا -دون جوان-
فلم أَتمدَّد على العشب، لكنني
قُلتُ في السرِّ: لو كنتُ أَصغرَ
لو كنتُ أَصغرَ عشرين عاماً
لَشاركْتُها الماءَ والسندويشات،
وعلَّمتُها كيف تَلْمِسُ قوس قُزَحْ

مَشَيْتُ، كما يفعل السائح الأَجنبيُّ...
معي كاميرا، ودليلي كتابٌ صغيرٌ
يضمُّ قصائدَ في وَصْفِ هذا المكانِ
لأكثرَ من شاعرٍ أَجنبيٍّ،
أُحسُّ بأني أنا المتكلِّم فيها
ولولا الفوارقُ بين القوافي لقُلْتُ:
أَنا آخري

...كنت أَتبعُ وصف المكان. هنا
شَجَرٌ زائدٌ، وهنا قمرٌ ناقِصٌ
وكما في القصائد: ينبتُ عشبٌ
على حَجَرٍ يتوجّعُ. لا هُوَ حُلْمٌ
ولا هُوَ رمزٌ يدلُّ على طائرٍ وطنيٍّ،
ولكنه غيمةٌ أينعَتْ....
خطوة, خطوتان، ثلاثٌ... وَجَدْتُ الربيعَ
قصيراً على المِشْمِشيَّات. ما كِدْتُ أَرنو
إلى زَهْرة اللوز حتى تناثَرْتُ مابينَ
غمَّازَتَيْنِ. مَشَيْتُ لأتبعَ ما تَرَكَتْه الطيورُ
الصغيرةُ من نَمَشٍ في القصائد

ثُمَّ تساءلْت : كيف يصير المكانُ
اُنعكاساً لصورتِهِ في الأساطيرِ،
أَو صِفَةً من صفات الكلامِ؟
وهل صورةُ الشيء أَقوى
من الشيءِ؟
لولا مخيَّلتي قال لي آخري:
أنتَ لَسْتَ هنا

لم أكن واقعيّاً. ولكنني لا
أُصدِّقُ تاريخَ ((إلياذة)) العسكريَّ،
هُوَ الشِّعْرُ’ أسطورةٌ خَلَقَتْ واقعاً...
وتساءَلْتُ: لو كانتِ الكاميرا والصحافةُ
شاهدةً فوق أسوار طروادةَ الآسيوية،
هل كان ((هوميرُ)) يكتبُ غيرَ الأوديسةِ؟

... أُمْسِكُ هذا الهواء الشهيَّ،
هواءَ الجليل، بكلتا يديَّ
وأمْضَغُهُ مثلما يمضَغُ الماعزُ الجبليُّ
أَعالي الشُّجَيْرات،
أَمشي، أُعرِّف نفسي إلى نفسها:
أنتِ’ يا نفسُ، إحدى صفات المكان

ثلاثُ كنائسَ مهجورةٌ
مآذن مكسورةٌ،
سنديانٌ على الجانبينِ،
قرىً كنقاط على أَحْرُفٍ مُحِيَتْ،
وفتاةٌ على العشب تسأل طيفا:
لماذا كبرتَ ولم تنتظرني
يقول لها: لم أَكنْ حاضراً
عندما ضاق ثوبُ الحرير بتُفَّاحَتَيْنِ.
فغنِّي، كما كنتِ قبل قليل’ تُغَنِّين:
لو كُنْتُ أكبرَ, لو كنتُ أكبرَ

أَمَّا أَنا، فسأدخُلُ في شجر التوتِ
حيث تُحوِّلُني دُودَةُ القزِّ خَيْطَ حريرٍ،
فأدخلُ في إبرة اُمراةٍ من
نساء الأساطير،
ثم أطير كشالٍ مع الريح
#محمود_درويش
#Mahmoud_Darwish
#Mahmoud_Darwich
الفيديوهات المستخدمة من موقع بكسل المجاني
https://www.pexels.com/videos/
وجميعها Free to use

الموسيقى من مكتبة اليوتيوب الصوتية المجانية
شعر محمود درويش
اشعار محمود درويش
دواوين محمود درويش
قصائد محمود درويش
ادب محمود درويش
ادب عربي
الادب العربي
ادبنا
امسية محمود درويش
امسيات محمود درويش

شارك الخبر عبر مواقع التواصل

التعليقات