الديوان : قصائد وشعر غادة السمان . الشاعر/الكاتب : غادة السمان

استيقظ
متفجرة و بريئة كلحظة ولادتي 
متصلة باسرار الوجود و الينابيع 
كلحظة ولادتي 
و تهوي علي مطرقة التفاصيل ...
**
صباح الخير ايتها التفاصيل اليومية المرعبة ...
تقطيع بسكين المطبخ 
حبل الخلاص الذي يربطني الى البحر و الغابة 
و الموت دهشة ..
و نهر الاسرار و المعارف الكونية 
و تستعيضين عن ذلك كله 
برنين الهاتف و قائمة المدعوين الى العشاء 
و الجلود المثقوبة لمصلح الحنفيات ..
على اشلاء لحظاتي المنهوبة ...
و محاضرة بائع البيض الطازج 
لحياه لم تعد طازجة !
**
آه التفاصيل اليومية المرعبة 
اتفتت على حد منجلها 
أخلف قطعة مني 
على المصباح الصغير المعطل داخل الفرن 
و الذي يجب ألا أنسى استبداله ..
و بقية أشلائي 
تحت اناء الثلج الذي لا يحق لي اهماله 
داخل تابوته البراد ...
و الفستق و الخيار المقشر المملح و المحارم الورقية 
و الصابون المعطر و بقية الطقوس العلفية 
**
و تسيل انهار الحساء المحروقة المنسية 
و تهب رائحة الحرائق من اعماقي 
كاشباح قتلى لم يثأر لهم..
لكن أحداً لا يرى الأشباح في المرآة
و لا يشم رائحتها ...
**
آه التفاصيل اليومية المرعبة 
الدقيقة كأنياب مصاص دماء ..
أمشي في متاهتها 
اتعثر في فنجان قهوة هنا 
و صحن ثريد هناك ..
و يصير فص الثوم اكبر من جبل التوباد ..
و ادور حوله محتارة الاصابع من اين يقشرونه 
بينما رأسي يعود بعيدا فوق الغيوم 
متنقلا بين كوكب و اخر 
و حلم و آخر 
و دهشة كونية و أخرى ...
**
أمزق قائمة أسماء المدعوين
و ألصق بقايا اشلاء نهاري ...
و اعلن العصيان على التفاصيل 
و اعود متوحشة و شرسة و نائية 
و لتذهب ( الواجبات الاجتماعية ) بعيدا 
الى مسقط راسها 
في مدن الرياء و الثرثرة و التشاوف ...
ليقولوا ما يحلوا لهم عني 
لن ادفع اتاوة التفاهة من روحي ...
**
وداعا ايتها التفاصيل ..
ها انا استعيد ذاتي في قارة العزلة 
نقية متفجرة كلحظة الولادة 
و قد غسلت اعماقي 
في بحر الضوء الشاسع الوهاج 
ها انا من جديد سمكة فضية 
في بحر الفضول و الدهشة 
بعيدا عن رنين الهاتف 
و القاعات المذهبة للتفاهات 
انزلق في موج المعرفة 
و اسبح في الوهج اللامتناهي 
بحثا عن تلك الشمس السرية 
و عن حبيبي سارق النار