الديوان : قصائد وشعر غادة السمان . الشاعر/الكاتب : غادة السمان

وافترقنا..
وها انا حفنة من الزجاج المسحوق
عبثا تستعيد صورتها كامرأة..

وافترقنا
السفن تطلق صرخات الوداع
في مساء المرافىء...
والطيور المهاجرة
لا تملك الا الطيران
في مدارات رحيلها المحتوم
وزمن المد انتهى
وها هو الجزر ينحسر
عن الصخور التي طالما ملأ ثقوبها الموحشة
ماضيا الى غير رجعة...
لا قطرة في الموج
قادرة على العودة الى ذرة رمل سبق واحتضنتها
كل ما في الطبيعة
يستعصي على التكرار
وكذلك حبنا

وافترقنا
ياللجنون... وانا احبك هكذا
وانت تحبني هكذا
أي شيطان يسكنني
ويجعلني اغمد سكيني
في جسد الحب الغض
مستبقة بذلك
سكين القدر المحتومة؟

اي شيطان يسكنني
حتى اصرخ كساحرة مجنونة:
بيدي لا بيد الزمن...
علي وعلى احبائي يا رب!..

وافترقنا
وسوف تنقضي ايام طويلة
قبل ان نمر في الشوارع

التي طالما احتضنتنا معا
دون ان تقفز صورة كل منا 
داخل عين الآخر
واسمه..
والحوار الذي تبادلناه هناك
وضحكاتنا المختبئة في الزوايا...
وسوف تنقضي ايام طويلة
قبل ان الفظ اسماء اصدقائي
الذين يحملون اسمك نفسه،
دون ان اغص ويرتجف صوتي...
وسوف تنقضي ايام طويلة
قبل ان اسمعهم يتحدثون عنك
ويلفظون اسمك
دون ان تغمد في صدري
سكين الشوق..
وسوف تنقضي ايام طويلة.
قبل ان اخط اسمك
دون ان تدمع عين قلمي !..

وافترقنا
لكن الزمن لا بد وان يمر بدواليبه
فوق جسد ذكرياتنا
ويطحنها جيئة وذهابا...
وفي النهاية ، لا يبقى الا التراب...
من الضوء والى التراب تلك حكايتنا...

وافترقنا
وها انا ارحل ،
وفي حقائبي الذكريات...
آه الذكريات .

اودعك
واقف على طرف الكرة الارضية
ثم اقفز الى الظلام... والمجهول

فراقك
شوكة في حلق زمني الآتي

لا جسد لهذا الحب 
في فضاء الايام
لا مكان له في عمرنا المطعون
ولم يعد بوسعي ان اخطو اليك
ولم يعد بوسعي ان اخطو عنك
هذا زمن الانهيارات
والفوضى استولت على مدارات حبنا
هذا زمن الانهيارات
وارقب انياب الخلل
تلتهم اعصابي
لم يعد بوسعي ان اصرخ
لم يعد بوسعي ان اناديك
لم يعد بوسعي ان اذكرك
ولم يعد بوسعي ان انساك
من الضوء والى التراب .. تلك حكايتنا !..