الديوان : قصائد وشعر غادة السمان . الشاعر/الكاتب : غادة السمان

عزف ( غير منفرد ) على عود الشوق
ذلك الألم الدقيق
الذي لا اسم له ولا تبرير ،
يخترقني حتى العظم
بلحظاته العابرة الكاوية …
***
حين أودّعك
بعد اللقاء العذب ،
يظل جزء مني لا يصدق
انك بعيد …

وحينما تصفعني
إطباقة الباب خلفك
مع رحيلك المسائي ،
أشعر بأنني أرحل داخل بئر …
وحينما أسمع لحناً 
أحببناه معاً ،
يجتاحني حزن لا حدود له …
أصير شرياناً ينزف
في غابة الشوق المظلمة ..
ورغم ان اللقاء آتٍ
لكنني عبثاً أرشو الفراق
بأمل اللقاء ..
***
ما أسهل الحديث عن الفراق
حين تكون ثعالب الزمن الماكر نائمة
وحين يكون رأسي فوق صدرك …
وما أصعب السكوت عن الفراق ،
حين تنتصب بيني وبينك
قارة من التعب …
***
حين نكون معاً ،
أغلق النوافذ وأسدل الستائر ،
وأقفل الباب بالمفتاح مرتين …
لأمنع الفراق 
الواقف خلف الباب
من الدخول ،
ولأمنع الأرواح الشريرة ، والحسد ،
ولكن ، ماذا تجدي أقفال العالم
وأسواره وتعاويذه وحجاباته ،
أمام سكين الوداع 
التي يشهرها كل منا
مهدداً بها جسد طفلنا
: الحب ؟
***
حين أراك 
يتنفس الحب الصعداء …
وحين تغيب 
يولي الفرح الأدبار !..
***
حين افترقنا 
صرت متسولة 
على رصيف النسيان …
وحين التقينا 
عدت متسولة
على رصيف الانتظار …
*** 
وفراقك يعذبني !
فحبك وعائي ،
وبدونك أنا قطرات زئبق 
شاردة على سطح الليل المحايد …
ولقاؤك يعذبني !..
وتحت سطوة الحب الصاعق
أتقزم ، ، وأتفتت ، وأتلاشى …
أ ت ل ا ش ى
وحضورك المغناطيسي الجبار
يدمر بوصلتي 
ويستلب من دماغي الاتجاهات
***
أيها النقي
كالثلج الذي لما يهطل بعد ،
يا نقاء ثلج العام المقبل ،
أحبك 
بكل اللهفة الممكنة
و كل الغصات الممكنة