يوم افترقنا، لجأت إلى دفتري العتيق
لأنكسر سراً وأكتب..
لكن دفتري انتصب واقفاً
وتركني، ومضى مهرولاً إلى الليل..
***
في بلاط الورقة، أنا نملة ضالة،
تتعلم الخشوع، وأصابعها شجرة تين تتضرع.
***
ما الذي يحدث لنا ويبعدنا؟ أأنت تحلق
أم أنني أنزلق إلى القاع؟ أم العكس؟
***
كأنني عقدت قراني على محبرة
وشهودي أوراقي..
أسبح معك حتى آخر الدنيا،
فأكتشف أننا لا نزال داخل محبرتي..
أجلس وإياك، وقلم لامرئي
يسطِّر داخل رأسي "محضر الجلسة"،
ونحن نتشاجر ونتبادل الطعنات
ويسيل الحبر من عروقي على سجائرك...
وحين ألوِّح لك بيدي مودعةً
أجد عشرة أقلام في موضع أصابعي..
أنسحب بها إلى بلاطي الثلجي الشاسع
وجدرانه أوراقي
وأعلن "مملكة الحنان المستقلة"،
وأترك آثار خطاي على الورقة تهرول محتضرة..
***
كل ليلة،
يخرج أبطال قصصي هاربين من كتبي،
ويحومون حولي قبل أن أنام..
أختار أحدهم، وأراقصه حتى الفجر..
كل ليلة، أخونك مع أحد أبطالي،
ثم أبكي فرقك على صدره..
كل ليلة، تنهض حروفي من أكفانها البيض المسطرة
وتقضمني قطعة إثر أخرى، وتلتهمني تدريجياً
مثل نار تعبر شمعة حتى الثمالة..
***
.. وها أنا أنتشر في حروفي، أتلاشى فيها
أرشح عبرها ليلة بعد أخرى
على مدى ألف عام من الكتابة
وأتحول إلى آلاف الصفحات، وذات يوم
إذا افتقدتني وجئت لتوقظني، لن تجدني
وستجد على وسادتي نظارتي، وكوماً من الكتب
وعقب سيجارة، وكثيراً من الرماد..